نيورالينك هو الثورة في واجهات الدماغ والحاسوب
لمقدمة
نيورالينك (Neuralink) هي شركة تقنية عصبية أسسها إيلون ماسك في عام 2016، بهدف تطوير واجهات دماغية-حاسوبية (Brain-Computer Interfaces - BCI) متقدمة. الرؤية الرئيسية للشركة هي تحقيق اندماج كامل بين الدماغ البشري والذكاء الاصطناعي، مما يسمح بتحسين القدرات البشرية وعلاج الأمراض العصبية. في أكتوبر 2025، أصبحت نيورالينك أحد أبرز اللاعبين في مجال التقنية العصبية، مع إجراء تجارب بشرية ناجحة وتوسع دولي. هذا المقال يقدم نظرة تفصيلية على تاريخ الشركة، تقنيتها، التحديثات الأخيرة، التحديات، والآفاق المستقبلية، مستندًا إلى أحدث المعلومات المتاحة.
تاريخ نيورالينك وتأسيسها
بدأت نيورالينك كمشروع سري داخل شركات إيلون ماسك، لكنها أُعلنت رسميًا في يوليو 2016. الهدف الأساسي هو حل "مشكلة عرض النطاق الترددي" بين الدماغ البشري والحواسيب، حيث يُعتقد أن الاتصال الحالي (مثل الكتابة أو النقر) بطيء جدًا مقارنة بسرعة التفكير. في 2019، أجرت الشركة تجارب على حيوانات، مثل القرود التي لعبت ألعاب فيديو باستخدام أفكارها فقط، مما أثار إعجابًا وجدلاً حول معاملة الحيوانات.
في يناير 2024، حصلت نيورالينك على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإجراء تجارب بشرية أولية، وتم زرع الجهاز الأول في مريض بشري في يناير 2024. بحلول أكتوبر 2025، وصل عدد المرضى المزروعين إلى 12 شخصًا حول العالم، مع تراكم أكثر من 15,000 ساعة من الاستخدام. الشركة جمعت تمويلًا هائلًا، بما في ذلك 650 مليون دولار في جولة تمويلية E في يونيو 2025، مما يعكس الثقة في إمكانياتها.
التقنية وراء نيورالينك
المنتج الرئيسي هو جهاز "N1 Implant"، المعروف أيضًا باسم "Telepathy". يتكون من رقاقة إلكترونية صغيرة بحجم عملة معدنية، مزودة بـ1,024 إلكترودًا مرنًا (خيوط رفيعة جدًا، أرق من شعرة الإنسان). يتم زرعها جراحيًا في الدماغ بواسطة روبوت متخصص يُدعى "R1"، الذي يضمن دقة عالية لتجنب تلف الأنسجة.
كيفية عمل الجهاز:
- التسجيل والإرسال: يقرأ الإلكترودات الإشارات العصبية (النبضات الكهربائية) من الخلايا العصبية في القشرة الدماغية، خاصة منطقة الحركة (motor cortex). هذه الإشارات تُترجم إلى أوامر رقمية عبر خوارزميات التعلم الآلي.
- الاتصال اللاسلكي: يرسل الجهاز البيانات إلى تطبيق على الهاتف أو الحاسوب عبر بلوتوث منخفض الطاقة، مما يسمح بالتحكم في الأجهزة دون كابلات.
- الطاقة والسلامة: يعمل بالشحن اللاسلكي، ويحتوي على ميزات أمان مثل الكشف عن الالتهابات أو النزيف.
في الإصدار الثاني من الروبوت الجراحي (مُعلن في يونيو 2025)، تحسنت الدقة والسرعة، مما قلل من المخاطر. الجهاز يمكنه الوصول إلى سرعة نقل بيانات تصل إلى 9 بت في الثانية، مما يفوق السجلات السابقة لتقنيات BCI الأخرى.
التجارب البشرية والنتائج
بدأت التجارب السريرية الرئيسية (PRIME Study) في أواخر 2023، وتركز على مرضى الشلل الناتج عن إصابات الحبل الشوكي أو التصلب الجانبي الضموري (ALS). بحلول أكتوبر 2025:
- المريض الأول (نولاند أربو): زرع في يناير 2024، يتحكم في الفأرة، يلعب الشطرنج عبر الإنترنت، ويدير منزله الذكي بأفكاره. واجه مشكلة في بعض الخيوط، لكن تم حلها برمجيًا.
- المريض الثاني (أليكس): في أغسطس 2024، كسر سجلًا عالميًا في التحكم بالفأرة يوم الزرع، ولعب ألعاب مثل Counter-Strike 2 وصمم نماذج ثلاثية الأبعاد.
- مرضى آخرون: في أكتوبر 2025، أظهر مريض ALS يُدعى نيك القدرة على التحكم في ذراع روبوتية لإطعام نفسه. كما سجل المرضى أكثر من 100 ساعة أسبوعيًا من الاستخدام المستقل.
في يوليو 2025، أجرت الشركة أول عمليتين في يوم واحد (P8 وP9)، وتوسعت إلى كندا (أول عمليات خارج الولايات المتحدة في سبتمبر 2025)، بريطانيا، والإمارات. هدف نيورالينك: 20-30 زرعًا إضافيًا بنهاية 2025.
التحديثات الأخيرة في 2025
- يونيو 2025: عرض صيفي أظهر تحكمًا في يد روبوتية تيسلا أوبتيموس للعب "حجر-ورقة-مقص"، وشراكة مع تيسلا لتطوير أطراف اصطناعية.
- سبتمبر 2025: إكمال عمليتين في كندا، وإعلان عن دراسات في بريطانيا والإمارات.
- أكتوبر 2025: تقديم أول ورقة بحثية للمراجعة العلمية إلى مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين (NEJM)، تغطي بيانات السلامة والأداء لأول ثلاثة مرضى. كما أطلقت تجربة لترجمة الأفكار إلى نصوص لمرضى ضعف النطق، وتطوير "Blindsight" لاستعادة البصر للمكفوفين. سجلت الشركة 10,000 مريض في قائمة الانتظار.
التحديات والجدل
رغم التقدم، واجهت نيورالينك انتقادات:
- السلامة: مشاكل في الخيوط المبكرة، وتقارير عن معاناة حيوانات في التجارب (مثل الالتهابات في القرود).
- الأخلاقيات: مخاوف من خصوصية البيانات الدماغية، والوصول غير المتكافئ (فقط للأثرياء أولاً)، والمخاطر الطويلة الأمد مثل الالتهابات أو فقدان الإشارات.
- التنظيم: لم تسجل الشركة تجاربها في قاعدة البيانات العامة، مما أثار تساؤلات حول الشفافية. كما يتنافس مع شركات مثل Synchron، التي تستخدم طرقًا أقل تدخلاً.
الآفاق المستقبلية
تهدف نيورالينك إلى:
- التوسع الطبي: استعادة السمع، المشي عبر جسر إشارات الحبل الشوكي، وعلاج الخرف.
- التكامل مع الذكاء الاصطناعي: منح "قدرات خارقة" مثل التواصل الفوري مع الآلات، مما قد يغير سوق العمل والتعليم.
- Blindsight: تجارب بشرية في 2026 لاستعادة البصر.
مع هدف زرع مئات الآلاف بحلول نهاية العقد، قد تصبح نيورالينك جسرًا بين البشر والآلات، لكن النجاح يعتمد على حل التحديات الأخلاقية والتنظيمية.
الخاتمة
نيورالينك ليست مجرد تقنية؛ إنها ثورة قد تعيد تشكيل الطب والحياة اليومية. مع 12 مريضًا يعيشون حياة أفضل بالفعل، وتوسع دولي، تبدو الشركة على طريق النجاح. ومع ذلك، يجب التوازن بين الابتكار والأمان لضمان فوائد للجميع. للمزيد، تابع موقع neuralink.com أو حسابات إيلون ماسك على إكس.
التعليقات (0)
أضف تعليقك
التعليقات السابقة